طيور الجنة في مواجهة إم بي سي 3
--------------------------------------------------------------------------------
طيور الجنة في مواجهة إم بي سي 3
يوليو 29, 2008 - 23:24 — أ. شروق محمد
أعلم أنه من الصعب أن تجد قناة تطمئنك وتطمئن إليها فتستودع ابنك أو ابنتك في مواجهتها لساعة أو يزيد يومياً ، دون أن تخشى تسرب قيمة سلبية أو لفظ نابي أو مشهد معيب أو حتى إيمائة غير مناسبة..
وأعلم أن الوصول لقناة تخاطب عقل الأطفال فضلاً عن وجدانهم وخيالهم وضمائرهم وقيمهم أمر صعب في هذا الزمن..
ولكن ظهرت في الآونة الأخيرة قناة طيبة يسعى القائمون عليها في جهد غير خفي على ترجمة رغبات الأطفال إلى واقع حقيقي..
يسعى القائمون عليها إلى تسخير الإنشاد وأغاني الأطفال للتوجيه والتربية وتنمية الوعي والثقافة الدينية والوطنية..
يسعى القائمون عليها إلى تقديم وجبات معلوماتية خفيفة مصاحبة بمشهيات سلوكية قيمة..
إنها قناة طيور الجنة ..
فلسفة القناة تقوم على تقديم الأغنية الخفيفة والإنشاد الديني للأطفال..ولكن ما تتميز به هو التنوع والرقي في المادة المقدمة..حيث تجد في هذه الأغنيات توجيهاً تربوياً جذاباً ومحبباً يسهل على الأطفال فهمه واستيعابه وترديده..
ثم نجد مقاطع لتلاوة القرآن ، وبعضاً من الأحاديث النبوية الشريفة التي يسهل على الأطفال فهمها ، ووجبة من المعلومات الخفيفة تحت عناوين مختلفة مثل: "هل تعلم..اسمٌ ومعنى..التعريف بسلالات الحيوانات..صغاري الأعزاء.."
وستجد نفسك مضطراً للضحك والسعادة والتأمل وأنت تشاهد "نشرة أخبار الدار" التي يقدمها نجما القناة الصغار: الوليد والمعتصم بالله مقداد..والتي ينتقدان فيها بعض السلوكيات الأسرية الخاطئة ، والتي يمكن أن تؤثر على الأبناء..
أمام الملفت للانتباه هو التعايش مع قضية الأمة وقلبها النابض (قضية فلسطين) سواء بالأغنيات المؤثرة أو بالشعارات أو والأناشيد القصيرة المصاحبة بالخرائط الموضحة لأرض فلسطين الحقيقية لا المجتزئة (من البحر إلى النهر..)
ستجد في هذه القناة الكثير مما يمكن أن تعلمه لأبنائك: قيماً نبيلة ، ومعانٍ سامية ، ومفاهيم إيجابية يتم غرسها..كحب الله عز وجل ، والانتصار لنبيه صلى الله عليه وسلم ، قيمة الصدق ، بر الوالدين ، والحفاظ على حاجيات الغير ، فرضية الحجاب وقيمته في حياة الفتاة..إلخ
هذا وإن كانت القناة لم تستوفِ كل ما يحتاجه الطفل وبخاصة جانب القصص والأفلام الكرتونية الهادفة خاصة وهي لا زالت في مرحلة البث التجريبي ، ولكنها نواة طيبة لنبتة نتمنى أن تنمو وتثمر وتغدق بالخير المنتظر..هي كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها في الأرض وفرعها في السماء وستؤتي أكلها كل حين..
...............
وأما النموذج المغاير أو المناقض فهي قناة الأطفال: الامب بي سي ثري(3mbc)..
فيبدو أن مجموعة mbc المتعددة القنوات أبى أصحابها إلا أن تمتد ثمارها الحنظلية للنشء الصاعد..
من أول وهلة وأنت تشاهد القناة تدرك أن هذه القناة لها غاية واحدة وهدف واضح ، هو أمركة الطفل العربي..
نعم هناك الكثير من القنوات التي تبث الأفلام الكرتونية أجنبية الصنع ، ولكن هذه القناة بصورة خاصة يحرص القائمون عليها على بث الأفلام الأجنبية الحية ، والتي تحتوي على جوانب عديدة من التشوبق والإثارة والمتعة..ولكنك ستجدها حافلة بالقيم السلبية المفزعة التي لا تتناسب مع مجتمعاتنا فضلاً عن أن يكون الأطفال هم جمهورها الأول ، وهذه القيم مثل: حياة المراهقين المختلطة وغير المنضبطة..العلاقات الأسرية المفككة..الملابس غير المحتشمة للفتيات والقصات الغريبة للشباب..
أما عن الأفلام الكرتونية فهي من نوعية بات مان ، وسلاحف الننجا والفئران المقاتلة..وغير ذلك من الدجل الذي يسوقونه للأبناء من أفلام تقوم على الخيال الأسطوري المروع ، وأفلام الحركة والعنف المفرط..
بالطبع هذه مادة تحفل بها العديد من قنوات الأطفال الأخرى ، لكنها تمثل في هذه القناة وجبة مركزة مكثفة حري بها أن تدمر عقلية ونفسية الطفل الناشئ الذي تفرغ نفسه إلا من الخيال الأسطوري وحلم القوة غير المبرر ووسائل النصر غير الأخلاقية..
أما عن أفلام "توم وجيري" في هذه القناة فستجدها على غير العادة بدون مقص الرقيب..ولكن هل يعقل أن يعمل مقص الرقيب في مسلسلٍ للأطفال..والإجابة نعم ، فهذا المسلسل خاصة حافل بالمشاهد غير اللائقة التي حرص القائمون على "الام بي سي ثري" على إذاعتها دون رقابة ودون اكتراث بما يقدم لأبنائنا أو ما يمكن أن يؤثر بهم ويفسد عليهم قيمهم وأخلاقهم(ملحوظة مسلسل توم وجيري هو الأكثر شعبية وانتشاراً بين الأطفال على الرغم من قدمه ، وتقوم القنوات الأخرى بحذف ما لا يليق منه من مشاهد بل وحلقات كاملة)
باختصار إذا ما قضيت ساعة أمام هذه القناة ستشعر أنها قناة جيدة لأي طفل في العالم غير الطفل العربي المسلم ، الذي لا يتم الإشارة من بعيد أو قريب إلى قيمه وهويته ومعتقداته وقضاياه..
والغريب أن القناة تغير من أسلوبها تماماً وتكتسي ثوباً عروبياً إسلامياً في شهر رمضان الكريم ، مما يعني أن القائمين عليها قادرون على الإنتاج المميز والمفيد والتربوي الذي تنظف شاشتها منه بقية شهور السنة..
ولعله جرس إنذار لكل أب وكل أم بأن يكون لديكم الرقابة الكافية على ما يشاهده الأبناء ، وما يمكن تثبيته أو حذفه من قنوات..ففارق كبير بين من يبني ويجتهد ويجاهد في البناء ، وبين من يمسك معاول الهدم القاسية على نفوس أبنائنا وفلذات أكبادنا..
