نور الهدى مراقبين
عدد الرسائل : 285 تاريخ التسجيل : 12/10/2008
| موضوع: هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الاستفراغ بالقيء السبت 18 أكتوبر 2008, 8:02 pm | |
| فصل: في هديه ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الاستفراغ بالقيء
روى الترمذي في جامعه عن معدان بن أبي طلحة، عن أبي الدرداء، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قاء، فتوضأ فلقيت ثوبان في مسجد دمشق، فذكرت له ذلك، فقال: صدق، أنا صببت له وضوءه. قال الترمذي: وهذا أصح شيء في الباب.
القيء: أحد الإستفراغات الخمسة التي هي أصول الاستفراغ، وهي الإسهال، والقيء، وإخراج الدم، وخروج الأبخرة والعرق، وقد جاءت بها السنة.
فأما الإسهال: فقد مر في حديث (خير ما تداويتم به المشي) وفي حديث (السنا).
وأما إخراج الدم، فقد تقدم في أحاديث الحجامة.
وأما استفراغ الأبخرة، فذكره عقب هذا الفصل إن شاء الله.
وأما الإستفراغ بالعرق، فلا يكون غالبًا بالقصد، بل بدفع الطبيعة له إلى ظاهر الجسد، فيصادف المسام مفتحة، فيخرج منها.
والقيء استفراغ من أعلا المعدة، والحقنة من أسفلها، والدواء من أعلاها وأسفلها، والقيء: نوعان: نوع بالغلبة والهيجان، ونوع بالاستدعاء والطلب. فأما الأول: فلا يسوغ حبسه ودفعه إلا إذا أفرط وخيف منه التلف. فيقطع بالأشياء التي تمسكه. وأما الثاني: فأنفعه عند الحاجة إذا روعي زمانه وشروطه التي تذكر. وأسباب القيء عشرة.
أحدها: غلبة المرة الصفراء، وطفوها على رأس المعدة، فتطلب الصعود.
الثاني: من غلبة بلغم لزج قد تحرك في المعدة، واحتاج إلى الخروج.
الثالث: أن يكون من ضعف المعدة في ذاتها، فلا تهضم الطعام، فتقذفه إلى جهة فوق.
الرابع: أن يخالطها خلط رديء ينصب إليها، فيسيء هضمها، ويضعف فعلها.
الخامس: أن يكون من زيادة المأكول أو المشروب على القدر الذي تحتمله المعدة، فتعجز عن إمساكه، فتطلب دفعه وقذفه.
السادس: أن يكون من عدم موافقة المأكول والمشروب لها، وكراهتها له، فتطلب دفعه وقذفه.
السابع: أن يحصل فيها ما يثور الطعام بكيفيته وطبيعته، فتقذف به.
الثامن: القرف، وهو موجب غثيان النفس وتهوعها.
التاسع: من الأعراض النفسانية، كالهم الشديد، والغم، والحزن، وغلبة اشتغال الطبيعة والقوى الطبيعية به، واهتمامها بوروده عن تدبير البدن، وإصلاح الغذاء، وإنضاجه، وهضمه، فتقذفه المعدة، وقد يكون لأجل تحرك الأخلاط عند تخبط النفس، فإن كل واحد من النفس والبدن ينفعل عن صاحبه، ويؤثر في كيفيته.
العاشر: نقل الطبيعة بأن يرى من يتقيأ، فيغلبه هو القيء من غير استدعاء، فإن الطبيعة نقالة.
وأخبرني بعض حذاق الأطباء، قال: كان لي ابن أخت حذق في الكحل، فجلس كحالًا، فكان إذا فتح عين الرجل، ورأى الرمد وكحله، رمد هو، وتكرر ذلك منه، فترك الجلوس. قلت له: فما سبب ذلك؟ قال: نقل الطبيعة، فإنها نقالة، قال: وأعرف آخر، كان رأى خراجًا في موضع من جسم رجل يحكه، فحك هو ذلك الموضع، فخرجت فيه خراجة. قلت: وكل هذا لا بد فيه مناستعداد الطبيعة، وتكون المادة ساكنة فيها غير متحركة، فتتحرك لسبب من هذه الأسباب، فهذه أسباب لتحرك المادة لا أنها هي الموجبة لهذا العارض. فصل: ولما كانت الأخلاط فى البلاد الحارة
والأزمنة الحارة ترق وتنجذب إلى فوق، كان القيء فيها أنفع. ولما كانت في الأزمنة الباردة والبلاد الباردة تغلظ، ويصعب جذبها إلى فوق، كان استفراغها، بالإسهال أنفع.
وإزالة الأخلاط ودفعها تكون بالجذب والإستفراغ، والجذب يكون من أبعد الطرق، والإستفراغ من أقربها، والفرق بينهما أن المادة إذا كانت عاملة في الإنصباب أو الترقي لم تستقر بعد، فهي محتاجة إلى الجذب، فإن كانت متصاعدة جذبت من أسفل، وإن كانت منصبة جذبت من فوق، وأما إذا اسقرت في موضعها، استفرغت من أقرب الطرق إليها، فمتى أضرت المادة بالأعضاء العليا، اجتذبت من أسفل، ومتى أضرت بالأعضاء السفلى، اجتذبت من فوق، ومتى استقرت، استفرغت من أقرب مكان إليها، ولهذا احتج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ على كاهله تارة، وفي رأسه أخرى، وعلى ظهر قدمه تارة، فكان يستفرغ مادة الدم المؤذي من أقرب مكان إليه. والله أعلم.
فصل: والقيء ينقي المعدة ويقويها
ويحد البصر، ويزيل ثقل الرأس، وينفع قروح الكلى، والمثانة، والامراض المزمنة كالجذام والاستسقاء، والفالج والرعشة، وينفع اليرقان.
ويبنغي أن يستعمله الصحيح في الشهر مرتين متواليتين من غير حفظ دور، ليتدارك الثاني ما قصر عنه الأول، وينقي الفضلات التي انصبت بسببه، والإكثار منه يضر المعدة، ويجعلها قابلة للفضول، ويضر بالأسنان والبصر والسمع، وربما صدع عرقًا، ويجب أن يجتنبه من به ورم في الحلق، أو ضعف في الصدر، أو دقيق الرقبة، أو مستعد لنفث الدم، أو عسر الإجابة له.
وأما ما يفعله كثير ممن يسيء التدبير، وهو أن يمتلئ من الطعام، ثم يقذفه، ففيه آفات عديدة، منها: أنه يعجل الهرم، ويوقع في أمراض رديئة، ويجعل القيء له عادة. والقيء مع اليبوسة، وضف الأحشاء، وهزال المراق. أو ضعف المستقيء خطر...
وأحمد أوقاته الصيف والربيع دون الشتاء والخريف، وينبغي عند القيء أن يعصب العينين، ويقمط البطن، ويغسل الوجه بماء بارد عند الفراغ، وان يشرب عقيبه شراب التفاح مع يسير من مصطكى، وماء الورد ينفعه نفعًا بينًا.
والقيء يستفرغ من أعلى المعدة، ويجذب من أسفل، والإسهال بالعكس، قال أبقراط: وينبغي أن يكون الإستفراغ في الصيف من فوق أكثر من الإستفراغ بالدواء، وفي الشتاء من أسفل. | |
|